
- 2025-05-15
تمثل قوانين العمل المصرية الأداة الأساسية لضمان التوازن بين حقوق العمال واحتياجات أصحاب الأعمال حيث تعرف بأنها قواعد تحدد شروط العمل وتعمل على حماية الطرفين من الممارسات التعسفية، وتشهد الأسواق العالمية والمحلية ديناميات متسارعة بفعل التطور التقني والانفتاح الاقتصادي مما يعزز الحاجة إلى أطر قانونية مرنة تستجيب لتغيرات سوق العمل وتضمن الاستقرار المؤسسي.
في مصر يمثل قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 العمود الفقري للتشريع العمالي إذ ينظم عقود العمل وشروطها ويحدد أطر الأجور والإجازات والتعويضات عن نهاية الخدمة، يشمل القانون التعريفات العامة وعقود العمل والأجور وساعات العمل والصحة والسلامة المهنية وآليات التفتيش وحل المنازعات بما يضمن شمولية المعالجة القانونية لكافة جوانب العلاقة التعاقدية.
تنظم علاقات العمل في مصر بمقتضى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الصادر في 7 أبريل 2003 وساري العمل به اعتباراً من 6 يوليو 2003، والذي تضمن 257 مادة مقسمة على ستة فصول رئيسية وتحدد قوانين المصرية التعاريف الأساسية للعامل وصاحب العمل والشروط الشكلية لعقد العمل وينظم ساعات العمل والإجازات المختلفة السنوية والمرضية والطارئة، كما يضمن أجورًا دورية وزيادات سنوية لا تقل عن 7% ويضع ضوابط لإنهاء الخدمة والتعويضات المقررة إلى جانب تنظيم الصحة والسلامة المهنية وآليات التفتيش العمالي وتسوية المنازعات.
تهدف قوانين العمل المصرية إلى تنظيم علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل وضمان حقوق الطرفين وحماية كلا منهما بما يعكس التوازن بين الواجبات والمسؤوليات ويأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المصري، تعرف المادة الأولى في القانون العامل بأنه كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر لدى صاحب عمل وصاحب العمل بأنه كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملًا أو أكثر.
يشمل القانون جميع العمال في القطاعين العام والخاص كما تنطبق أحكامه على بعض فئات العمال الخاصة إلى حين صدور اتفاقيات جماعية تنظم أوضاعهم على أن تكون مزايا التشريعات الخاصة الحد الأدنى الذي يبنى عليه التفاوض.
يشترط القانون في عقد العمل أن يكون مكتوبًا إذا تجاوزت مدته ستة أشهر وأن يتضمن البيانات الأساسية مثل وصف العمل ومكانه وتاريخ بدايته وأجر العامل ومدة العقد إن كان محدد المدة، وتحدد ساعات العمل بواقع 8 ساعات يوميًا أو 48 ساعة أسبوعيًا كحد أقصى مع وجوب منح راحة يومية لا تقل عن 11 ساعة والإجازة السنوية 21 يوم مدفوعة الأجر لمن أمضى سنة خدمة كاملة، وتزداد إلى 30 يوم بعد عشرة أعوام من العمل.
ينظم قانون العمل التزامات صاحب العمل بدفع الأجر المتفق عليه شهريًا في موعد لا يتجاوز اليوم العاشر من الشهر التالي ويمنح العامل زيادة سنوية لا تقل عن 7% من أجره الأساسي ويكفل القانون أيضًا عدم اقتطاع الأجر إلا في حدود الأحكام المنصوص عليها مثل الساعات الإضافية أو التعويضات القانونية، ينهي العقد بموجب استقالة العامل أو إنهاء من جانب صاحب العمل لأسباب مشروعة ومنها ارتكاب العامل مخالفات جسيمة أو إغلاق المنشأة بحكم قضائي كما يحق للعامل تعويضًا عن فترة إشعار لا تقل عن مدة العقد أو شهرين للعمال غير محددي المدة وتعويض نهاية الخدمة بمعدل أجر نصف شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة إذا جرى إنهاء العقد بغير سبب مشروع من صاحب العمل.
تنظم قوانين العمل المصرية واجبات صاحب العمل في توفير بيئة آمنة وصحية مع ضرورة إجراء فحوص دورية وتدريب العاملين على معايير السلامة، وإنشاء لجنة للصحة المهنية في المنشآت التي يزيد عدد عمالها على 50 عامل وتعاقب المخالفين بغرامات مالية تزداد بتكرارها وقد تصل إلى إغلاق المنشأة مؤقتًا أو دائمًا في حالات التكرار الجسيم.
تختص مفتشية العمل بمتابعة تطبيق أحكام القانون وفحص الشكاوى المقدمة من العمال وصاحب العمل وتحويل المخالفات للنيابة الإدارية عند الاقتضاء كما أسست قوانين العمل المصرية لجانًا لحل منازعات العمل الفردية والجماعية داخل كل محافظة ويجوز الطعن أمام المحكمة العمالية المختصة خلال 60 يوم من صدور قرار اللجنة.
شهد قانون العمل منذ صدوره عدة تعديلات فرعية عبر صدور عدد من القرارات الوزارية واللائحة التنفيذية رقم 99 لسنة 2003، التي أتاحت تفصيلًا أكبر لبعض أحكام ساعات العمل والجزاءات والانضباط للعمال والموظفين المدنيين كما تلتزم مصر بالمعايير الدولية من خلال تطبيقها 54 اتفاقية دولية صادرة عن منظمة العمل الدولية منذ انضمامها في 1936.
توفر اللائحة التنفيذية لقوانين العمل المصرية رقم 12 لسنة 2003 للقطاع الخاص مجموعة من القرارات الوزارية التي تترجم أحكام القانون إلى إجراءات عملية ملزمة لأصحاب الأعمال والعاملين على حد سواء، وتشمل هذه القرارات إصدار نموذج للائحة تنظيم العمل والجزاءات الداخلية قرار رقم 185 لسنة 2003 بالإضافة إلى مجموعة من القرارات المكملة التي تنظم العمل الليلي وأيام الإجازات الرسمية والأعمال التكميلية والمتقطعة وسجلات العمل وغيرها، كما تغطي اللائحة التنفيذية الصحة المهنية من خلال قرارات الكشف الطبي الدوري في القرار رقم 162 لسنة 2003 وتنظيم الرعاية الطبية كما في القرار 180 لسنة 2003 وتضع إطارًا للأنظمة الخاصة بالتدريب والتأهيل المهني مثل عقود التلمذة الصناعية بناءً على قرار 175 لسنة 2003، وتهدف هذه الآليات إلى ضمان تطبيق موحد لأحكام القانون وحماية حقوق الطرفين وتعزيز بيئة عمل آمنة ومنظمة في القطاع الخاص المصري.
تتولى مفتشية العمل بوزارة القوى العاملة متابعة تنفيذ هذه القرارات وفحص الشكاوى المقدمة من العمال وأصحاب العمل ولها صلاحية إحالة المخالفات للنيابة الإدارية عند الاقتضاء، كما يلزم أصحاب المنشآت بإيداع نسخة من اللائحة الداخلية مع أمانة سر لجنة العمل المختصة داخل المحافظة وإعلانها للعاملين وإخطار وزارة القوي العاملة بأي تعديل خلال 30 يوم وتفرض عقوبات مالية على المنشآت المخالفة تصل إلى إغلاق المنشأة مؤقتًا في حال التكرار الجسيم.
شكلت اللائحة التنفيذية لقانون العمل المصري للقطاع الخاص إطارًا تنظيميًا مفصلًا يسهل تنفيذ القانون ويعزز الشفافية وحماية حقوق العاملين وأصحاب الأعمال على حد سواء، وتتيح هذه القرارات الوزارية تطبيقًا موحدًا لأحكام قانون العمل في جميع أنحاء الجمهورية مع مراعاة الخصوصيات العملية لكل منشأة مع التركيز على تنظيم العمل الداخلي، وضمان بيئة عمل آمنة وتطوير مهارات الأيدي العاملة من خلال برامج التلمذة الصناعية.
تنظم المادة 58 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لائحة تنظيم العمل والجزاءات التأديبية الواجب وضعها من قبل صاحب العمل في المنشآت التي يستخدم بها عشرة عمال فأكثر مع أخذ رأي النقابة وصياغة نموذج استرشادي بقرار وزير القوي العاملة والهجرة رقم 185 لسنة 2003 الذي صدر في 9 سبتمبر وعمل به في 10 يونيو 2003.
تحدد المادة 60 من قوانين العمل المصرية 8 أنواع من الجزاءات التأديبية من الإنذار وحتى الفصل من الخدمة تمثل الحد الأقصى الذي يجوز توقيعه دون إخلال بإمكانية تخفيفها بما يتناسب مع ظروف المنشأة، وتلتزم اللائحة الاسترشادية بنموذج مرن يتيح لكل منشأة تعديل بنود المخالفات والجزاءات وفقًا لطبيعة عملها شريطة أن تبقى حدود الجزاءات ضمن ما حدده القرار الوزاري.
يشترط القانون إجراء تحقيق كتابي للعامل قبل توقيع الجزاء مع إبلاغه كتابة ومراعاة أجل زمني لا يتجاوز 30 يوم بعد انتهاء التحقيق وتنقسم المخالفات عادة إلى، مخالفات الحضور والانصراف ومخالفات نظام العمل وأداء الوظيفة ومخالفات تتعلق بالأمانة والسلامة المهنية مع إجراءات تصعيدية للعقوبات عند التكرار تصل إلى مضاعفة الجزاء أو الفصل بعد العرض على اللجنة المختصة.
أصدر وزير القوي العاملة والهجرة القرار رقم 185 لسنة 2003 باعتماد اللائحة النموذجية للجزاءات وتنظيم العمل استرشاديًا لأصحاب الأعمال، ونشر في الجريدة الرسمية وتم العمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ النشر وتمثل هذه اللائحة الحد الأقصى للعقوبات التأديبية المسموح بتوقيعها دون إخلال بحق المنشأة في تخفيفها بما يتناسب مع ظروف العمل.
تعتبر اللائحة المرفقة نموذجًا استرشاديًا يتيح لكل منشأة تعديل أنواع المخالفات والجزاءات وفق طبيعة العمل مع الأخذ برأي النقابة الرسمية قبل التصديق، وبمجرد مصادقة الجهة الإدارية على اللائحة أو انقضاء المهلة دون اعتراض تصبح اللائحة نافذة وملزمة لجميع العاملين بالمنشأة وفقًا لقوانين العمل المصرية.
شكلت لائحة الجزاءات التأديبية اللائحة النموذجية الصادرة بقرار 185 لسنة 2003 الإطار القانوني والتنظيمي لتطبيق الجزاءات التأديبية في القطاع الخاص المصري من خلال تحديد العقوبات الإدارية والإجرائية المقننة، وضمان حقوق العامل وصاحب العمل على حد سواء وتظهر التعديلات والتطبيقات العملية أهمية مراعاة الإجراءات القانونية وحق الدفاع، بما يعزز مناخ العمل المنظم ويحد من النزاعات ويسهم التفتيش العمالي في وزارة القوى العاملة بفحص الالتزام بتلك اللوائح وتنفيذها على أرض الواقع.
أصدر قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ليحل محل القانون رقم 137 لسنة 1981 وينظم علاقة العمل لجميع العاملين بقطاعي الأعمال مع الأخذ بنصوص من قانون العقود المدنية حيث لا يوجد حكم خاص بالعقود العمالية.
يعد قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 الإطار التشريعي الرئيس الذي ينظم علاقة العمل بين صاحب العمل والعاملين في القطاع الخاص، وتغطي قوانين العمل المصرية التعريفات العامة وعقود العمل والأجور وساعات العمل والصحة والسلامة المهنية والتفتيش وحل المنازعات.
يخول القانون وزير القوى العاملة إصدار لوائح تنفيذية وقرارات وزارية توضح الإجراءات التفصيلية لأحكامه، بما في ذلك تنظيم العمل الداخلي والجزاءات وساعات العمل والإجازات والرعاية الصحية للعمال وذلك لضمان تطبيق موحد وفعال على مستوى جميع المنشآت الخاصة في مصر.
يراعي القانون مبادئ اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صدقت عليها مصر بما في ذلك حق تشكيل النقابات والإضراب والتفاوض الجماعي، فضلًا عن معايير الصحة والسلامة المهنية المعتمدة دوليًا.
يمثل قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 واللوائح التنفيذية الصادرة بموجبه العمود الفقري للتشريع العمالي في مصر حيث يوفر إطارًا متكاملًا يحمي حقوق العاملين في القطاع الخاص وينظم واجبات أصحاب الأعمال، مع مرونة كافية للتعديل المحلي عبر القرارات الوزارية المتخصصة مما يسهم في خلق بيئة عمل عادلة وآمنة ومستقرة.
تضمن بنود القانون العديد من التعديلات التي تهدف إلى تحسين بيئة العمل في مصر بما في ذلك تعديل شروط الأجور والإجازات وتنظيم العلاقة بين الأطراف المعنية في سوق العمل، وكذلك توفير آليات لضمان حقوق العمال في حال حدوث نزاعات.
في الختام، تعد قوانين العمل المصرية إطارًا متكاملًا يوازن بين حقوق العمال والتزامات أصحاب الأعمال مع ضمان مرونة كافية للتكيف مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وفرت التعديلات واللائحة التنفيذية آليات تنظيمية تساهم في رفع كفاءة سوق العمل وحماية أطراف العلاقة التعاقدية مع إيلاء أهمية خاصة للسلامة المهنية والضمان الاجتماعي، كما يبقى القانون قابًا للتطوير والتحديث عبر القرارات الوزارية الجديدة وذلك استجابة لمتغيرات سوق العمل مع التأكيد على دور الحوار الاجتماعي والتفاوض الجماعي كآلية رئيسية لتحقيق الاستقرار في العلاقات المهنية في مصر.