
- 2025-04-16
جريمة الابتزاز من الجرائم الخطيرة التي تهدد أمن الأفراد وسلامة المجتمع وقد حرص المشرع المصري على تنظيمها ومعاقبة مرتكبيها من خلال نصه على هذه الجريمة في المادة 375 مكرر من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والتي فرضت عقوبة الحبس المبدئي لمدة سنة كحد أدنى عند إثبات أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري.
مع ظهور الابتزاز الإلكتروني عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ظهرت صور جديدة لهذه الجريمة تتطلب تطبيقًا مرنًا للنص القانوني ويعد الابتزاز أحد صور الإكراه المعنوي التي تؤثر على حرية الإرادة لدى الضحايا وتتنوع أساليبه بين التهديد المباشر والابتزاز الإلكتروني باستخدام رسائل البريد أو مواقع التواصل.
جريمة الابتزاز في القانون المصري تعتبر من الجرائم التي تمس الحرية الفردية والسلامة النفسية للأفراد وتنظمها نصوص قانون العقوبات المصري.
نصت المادة 375 مكرر على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه"، ويشمل هذا النص أيضًا إرغام الضحية على القيام بعمل أو الامتناع عنه أو تعطيل تنفيذ القوانين أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام متى كان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تعريض حياته للخطر ويعكس النص توازنًا بين تجريم الأفعال التي تخل بالأمن النفسي للمجني عليه وبين احترام حرية التعبير طالما لم يتجاوز حد التهديد مع شرط عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر.
أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري متمثلة في:
الركن المادي للجريمة
يمثل الركن المادي الأساس الظاهر لجريمة الابتزاز ويتكون من أربعة عناصر مترابطة منها: الفعل المتمثل في التهديد أو استعراض القوة أو التلويح بالعنف، الطلب أو المطالبة بمنفعة مادية أو معنوية وتحقق الخوف أو الرهبة في نفس المجني عليه، والعلاقة السببية بين التهديد ورضوخ الضحية ويعتمد القضاء في إثبات الركن المادي على جمع الأدلة المادية والمعنوية مثل تسجيلات الصوت أو الفيديو أو شهادات الشهود أو الرسائل المكتوبة التي تتضمن التهديد والمطالبة حيث تعتبر هذه الأدلة أساسية لإسناد الدعوى الجنائية.
الركن المعنوي للجريمة وهو أحد أهم أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري
يتجسد الركن المعنوي في توافر القصد الجنائي العام والخاص لدى الجاني حيث يشمل القصد العام إدراك المبتز لطبيعة فعله الإجرامي والتهديد الذي يوجهه للضحية بينما يتضمن القصد الخاص نية إرغام الضحية على تنفيذ مطلبه والحصول على المنفعة المرغوبة مع العلم بعدم حقه في ذلك، ويكفي لقيام الركن المعنوي أن يدرك الجاني أثر تهديده في بث الخوف لدى الضحية دون حاجة إلى تحقق التهديد فعليًا وتشير بعض الأحكام القضائية إلى أنه لا يشترط تحقق نتيجة التهديد فعليًا بل يكفي نية الجاني في بث الخوف لتحقيق الركن المعنوي مما يعكس تشديد القضاء على جانب القصد الإجرامي.
لا يشترط التشريع المصري أن تكون المنفعة المطلوبة في الابتزاز غير مشروعة بل يكفي أن يصاحب التهديد طلب للقيام بعمل أو الامتناع عنه حتى وإن كان الطلب مشروعًا بحكم القانون أو العرف، وفي جميع الأحوال يكفي لقيام جريمة الابتزاز وجود التهديد المصحوب بالطلب إذ لا يؤثر في قيام الجريمة مشروعية الطلب أو عدمه ويعتمد الفقه الجنائي على تفسير واسع للنص ليسمح بمرونة التعامل مع أشكال الابتزاز الحديثة بما يعزز حماية الضحايا من أي استغلال ليتوسع في أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري.
يعاقب قانون العقوبات المصري مرتكب جريمة الابتزاز بالحبس مدة لا تقل عن سنة وقد تصل إلى خمس سنوات إذا اقترنت الجريمة بظروف مشددة مثل ارتكابها من شخصين فأكثر أو بحمل أسلحة أو مواد مخلة أو وقوعها على قاصر أو أنثى، ويضاف إلى ذلك وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية لمدة العقوبة بهدف تعزيز الرقابة والردع ويتضاعف الحد الأدنى والأقصى للعقوبة إذا اقترنت الجريمة بجناية أخرى أو اقترنت بجريمة القتل العمد حيث أقر المشرع تشديد العقوبة إلى الإعدام في بعض الحالات.
انتشار وتوسع نطاق جرائم الابتزاز الالكتروني أصبح أمرًا واقعيًا في ظل الثورة المعلوماتية والتطور الهائل في التقنية الحديثة، وبالرغم من أن جريمة الابتزاز الإلكتروني باتت محصورة قانونيًا ضمن أحكام قانون العقوبات وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات إلا أن تطبيق هذه النصوص يكشف عن جملة من الثغرات التشريعية والإجرائية والفنية والقضائية التي تضعف من فاعلية الملاحقة والعقاب وهو أحد أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري.
يعتمد القانون المصري على المادة 327 من قانون العقوبات التي تجرم التهديد بشكل عام لكنها تشترط أن يكون التهديد كتابيًا لاعتباره جريمة أما التهديد الشفهي المباشر دون وسيط فلا يُجرم إلا في حالات محددة، مما يسمح للمبتزين بالتهرب من العقاب إذا لم يتركوا أدلة مكتوبة وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 ركز على جرائم مثل الاختراق أو التشهير لكنه لم يعرف الابتزاز الإلكتروني بشكل مستقل مما يفرض على القضاء القياس على مواد أخرى وهو ما يتعارض مع مبدأ "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"، فلا يشتمل القانون على نص صريح ومستقل يعاقب الابتزاز الإلكتروني بصورته الخاصة بل يطبق عليه نص التهديد العادي وهو ما لا يغطي جميع صور التهديد والابتزاز الإلكتروني.
تتطلب بعض المواد القانونية إثبات أن التهديد صدر بطلب منفعة لكن في الواقع قد يستخدم المبتزون تهديدات غامضة أو غير مباشرة يصعب ربطها بطلب محدد وفي حالات الابتزاز عبر منصات مؤقتة أو حسابات وهمية تصعب ملاحقة الجناة بسبب صعوبة تحديد هويتهم الحقيقية.
تصل عقوبة الابتزاز الإلكتروني إلى 7 سنوات سجن إذا كان التهديد مصحوبًا بطلب مالي وفقًا للمادة 327 لكن في حالات التهديد دون طلب مادي كالابتزاز العاطفي أو الجنسي تنخفض العقوبة إلى سنتين سجن أو غرامة مالية مما لا يشكل ردعًا كافيًا، كما أن تشتت العقوبات بين مواد مختلفة يؤدي إلى تفاوت في الأحكام ويعقد عملية الملاحقة القضائية ويوسع من نطاق أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري.
المادة 327 من قانون العقوبات تنص على "كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور مخدشة بالشرف وكان التهديد مصحوبًا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن، ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوب بطلب أو بتكليف بأمر، وكل من هدد غيره شفهيًا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على 500 جنيه سواء أكان التهديد مصحوبًا بتكليف بأمر أم لا، وكل تهديد تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفاهيًا بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد عن مائتي جنيه".
عقوبة التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحد أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري تحدد وفقًا لطبيعة التهديد ووجود طلب مقابل وتختلف العقوبات باختلاف المواد القانونية المطبقة.
تحت مظلة قانون العقوبات المادة 327 يعاقب بالسجن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال أو بإفشاء أمور خادشة للشرف وتنخفض العقوبة إلى الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب مادي وتصل إلى السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا كان مصحوبًا بطلب مادي .
المادة 326 تنص على "كل من حصل بالتهديد على مبلغ من النقود أو أي شيء آخر يعاقب بالحبس ويعاقب الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين.
تحت قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المادة 25 "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الاسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته أو منح بيانات إلى نظام أو موقع الكتروني لترويج السلع أو خدمات دون موافقته أو القيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو باحدى وسائل تقنية المعلومات تنتهك صور شخص دون رضاه سواء كانت المعلومات صحيحة أو غير صحيحة"، وهو نص يطبق على التهديد المتكرر عبر الرسائل أو المنشورات الإلكترونية.
تحت قانون تنظيم الاتصالات المادة 76 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات" ويشمل هذا استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإرسال رسائل أو منشورات موجهة للتهديد أو الإزعاج.
تعتمد العقوبة المقررة لجرائم التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي على النص القانوني الذي يطبق بحسب نوع التهديد ابتزاز مادي أو مجرد تخويف وطبيعة الوسيلة وحجم الإزعاج وقد تصل العقوبات في بعض الحالات إلى السجن لمدد تتراوح بين ستة أشهر وسبع سنوات مع غرامات مالية متفاوتة وقد يجمع القاضي بين أكثر من نص لفرض عقوبة مناسبة لخطورة الفعل.
المسؤولية الجنائية من أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري تقوم على تضافر أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، إلى جانب أحكام قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 وتشمل عدة جوانب متعلقة بالجاني والشركاء والظروف المشددة.
المسؤولية الجنائية للجاني الفاعل الأصلي
مسؤولية الشركاء والمساهمين في الجريمة يعاقبون بنفس عقوبة الفاعل الأصلي وفقًا للمادة 40 من قانون العقوبات ومزودي الخدمات الإلكترونية لا يتحملون مسؤولية جنائية إلا إذا ثبت تواطؤهم أو تقصيرهم في حذف المحتوى المخالف بعد إبلاغهم.
تزيد العقوبة في بعض الحالات منها إذا كان الضحية قاصرًا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة وإذا استخدم الجاني حسابات وهمية أو تقنيات متقدمة لإخفاء هويته وإذا أدى الابتزاز إلى انتحار الضحية أو أضرار جسدية ونفسية بالغة وفي حال كان الجاني من أفراد الأسرة أو ممن لهم سلطة على الضحية.
إن رصد وتطبيق هذه النصوص بدقة يمكن أجهزة العدالة من مقاضاة مرتكبي الابتزاز الإلكتروني ويعزز من مستوى الردع وحماية حقوق الأفراد الرقمية.
جريمة الابتزاز في القانون المصري هي تهديد شخص آخر بارتكاب فعل غير مشروع سواء جناية أو جنحة أو إساءة إلى الشرف بهدف إجباره على تقديم منفعة مادية أو معنوية للجاني أو لغيره سواء كان التهديد كتابة أو شفاهة أو عبر وسائل إلكترونية.
ومما عرف به الابتزاز هو القيام بالتهديد بكشف معلومات معينـة عن شخص أو فعل شيء لتدمير الشخص المهدد إن لم يقم الـشخص المهدد بالاستجابة إلى بعض الطلبات وهذه المعلومات تكون عادة محرجـة أو ذات طبيعة مدمرة اجتماعيًا.
والابتزاز بهذه الصورة يمتد ليشمل القطاعات فنجد ما يسمى بـالابتزاز السياسي والابتزاز العاطفي والابتزاز الإلكتروني.
الابتزاز الإلكتروني هو الابتزاز الذي يتم باستخدام الإمكانيات التكنولوجية الحديثة ضد ضحايا أغلبهم مـن النـساء لابتزازهم ماديا أو جنسيًا وعلى الرغم من أن الابتزاز الإلكتروني بات معروفًا لدى أغلبية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ومستخدمي الهواتـف الذكيـة مـن أن البيانـات الشخـصية والصور يمكن سرقتها لابتزاز الضحية إلا أنه حتى الآن لا توجد قوانين أو تشريعات حاسمة رادعة يمكن من خلالها حماية الصحية من الابتزاز الإلكتروني.
لذا نجد أن الضحية تنصاع في أغلب الأحوال لطلبات المبتز خوفا مـن الفضيحة وخاصة أن المحاكمات تكون علنية وأن الأحكـام يسهل نقضها وبالتالي نجاة الجاني من العقوبة ولا يبقى للمجني عليها إلا الفضيحة والعلنية.
أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري بصفة عامة هي تلك التي يقوم فيها الجاني بالحصول على منافع مادية أو معنوية من المجني عليه قسرًا من خلال تهديده بفضح بيانات أو معلومات تخصه.
يمكن إثبات جريمة الابتزاز من خلال توفير دليل ملموس أو دليل قوى يدعم ادعاءات المتعرض للابتزاز الإلكتروني ويمتد ليشمل شهود والأدلة المادية منها الرسائل والتسجيلات الصوتية والوثائق الأخرى التي تدعم التهديدات أو محاولات الاستغلال.
في الختام، دراسة أركان جريمة الابتزاز في القانون المصري تسهم في تعزيز الفهم القانوني والتطبيق القضائي السليم، وتؤكد أهمية توافر كل ركن من أركانها لإدانة الجاني. وعلى ضباط الشرطة والنيابة العامة والقضاة التأكد من تحقق الركن المادي والمعنوي، بالإضافة إلى مراعاة الظروف المشددة عند الفصل في العقوبة، فضلاً عن التدريب المستمر على التعرف على مظاهر الابتزاز الحديثة وأساليب جمع الأدلة. كما يبرز أهمية تكامل التشريعات مع قوانين مكافحة جرائم تقنية المعلومات لملاحقة صور الابتزاز الإلكتروني بكفاءة. ومن شأن ذلك تحقيق التوازن بين حماية المجتمع وضمان حقوق المتهمين في محاكمة عادلة.