
- 2025-04-23
الجنسية ليست ورقة قانونية فحسب بل هي هوية وجودية تمثل الانتماء إلى أرض وتاريخ وحضارة عريقة وشعب، شهدت مصر تعديلات جوهرية على القانون لنصل في 2023 إلى قانون الجنسيات المصري الجديد، الذي يعكس مدى التزام الدولة بتعزيز المساواة بين الجنسين والعمل على تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية.
القانون الجديد يعد علامة فارقة في مسار العدالة الاجتماعية ووقفة تشريعية ضد تمييز استمر لعقود بين الأم والأب في نقل الهوية الوطنية لأبنائهم، جاء هذا القانون في ظل تحولات عالمية طاحنة وتدفقات غير مسبوقة ليرسم خريطة جديدة لتوازنات دقيقة بين الحق الفردي في الانتماء والواجب الجماعي نحو الحفاظ على الأمن القومي.
أصُدر القانون رقم 28 لسنة 2023 بعد تعديل بعض أحكام قانون الجنسيات المصري القانون رقم 26 لسنة 1975 في 21 مايو 2023 وتم بدء العمل به في 22 مايو 2023 بعد حصوله على الموافقات الرسمية من الجهات المختصة، وجاء هذا التعديل في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية المتبعة لحقوق الإنسان وتهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وترسيخ مبادئ العدالة واستجابة لأحكام المحكمة الدستورية العليا والاتفاقيات الدولية.
يتضمن قانون الجنسيات المصري الجديد حق الأم المصرية في منح الجنسية لأبنائها بعد ما كان يقتصر نقل الجنسية على الأب فقط، كما يشمل التعديل المولودين في مصر لأم مصرية وأب أجنبي بشرط أن يكون الأجنبي ينتمي إلى بلد لغته العربية أو دينه الإسلام وأن يطلب التجنيس خال سنة من بلوغ سن الرشد.
تم تعديل شروط الحصول على الجنسية عبر الاستثمار حيث ألغيت القيود التي كانت تفرض شراء عقارات مملوكة للدولة كما أُضيقت خيارات جديدة مثل إيداع قيمة مالية أو استثمار في مشاريع جديدة مع مساهمة مالية غير قابلة للاسترداد بالإضافة إلى منح الأجنبي المقيم في مصر لمدة 10 سنوات متتالية الحق في التقدم بطلب التجنيس بعد استيفاء بعض الشروط.
منح القانون الجديد الزوجة الأجنبية المتزوجة من مصري حق الحصول على الجنسية المصرية بعد مرور عامين من الزواج بشرط موافقة الزوج واستمرار العلاقة الزوجية مع تقديم إقرار كل 6 أشهر يؤكد استمرار الزواج ولا يحق للزوج الأجنبي المتزوج من مصرية التقدم بطلب للحصول على الجنسية المصرية، كما يسمح القانون الجديد للمصريين الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية عند الحصول على جنسية أخرى بشرط إبلاغ السلطات المصرية ويستثني من ذلك الحالات التي تنطوي على مخاطر أمنية مثل الانضمام إلى جيش دولة معادية لمصر.
وضح القانون الحالات التي يجوز فيها سحب الجنسية منها الحالات التي يُثبت فيها الحصول على الجنسية بطرق احتيالية أو بيانات كاذبة خلال 10 سنوات من اكتسابها أو حالات ارتكاب جرائم ضد أمن الدولة أو الإقامة خارج الدولة دون سبب مقنع.
تم إصدار هذا القانون بناءً على مقترحات من الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بهدف مواءمة التشريعات مع الدستور المصري وتشرف وزارة الداخلية على إجراءات منح الجنسية أو سحبها، يعمل القانون على تعزيز حقوق المرأة وضمان مصلحة الطفل الفضلى.
تختلف شروط الحصول على الجنسية في الدول العربية وفقًا للتشريعات والقوانين المحلية في كل دولة، ولكن بشكل عام هناك بعض الشروط المشتركة والموحدة في بعض من الدول العربية منها:
معظم الدول العربية تمنح الجنسية للزوجة الأجنبية بعد مضي فترات معينة من الزواج والزوج الأجنبي لا يحصل عادًة على الجنسية، علاوًة على أن بعض الدول مثل الإمارات ومصر والمغرب تمنح الجنسية لاستثمارات كبيرة، كما أن بعض الدول تشترط الإسلام للحصول على الجنسية منها السعودية، ومعظم الدول لا تسمح بالازدواج في الجنسية لذا ينصح بالرجوع إلى مكاتب متخصصة في هذا الشأن كمكتب النصر والرشاد للحصول على استشارات قانونية ومعرفة المعلومات الدقيقة الخاصة بكل جنسية.
بعد التعديلات التشريعية الجديدة التي ساوت بين حقوق الرجل والمرأة، أصبح من حق أبناء الأم المصرية المتزوجة من أجنبي حق الحصول على الجنسية المصرية وفقًا لقانون الجنسيات المصري الجديد.
يشترط القانون رقم 154 لسنة 2004 على أن الأبناء المولودين قبل 4 يوليو 2004 لأم مصرية وأب أجنبي يُسمح لهم بالتقدم بطلب التجنيس بعد بلوغ سن 21 سنة، كما أقرت التعديلات الجديدة على قانون الجنسية أن يمنح للمولود من أم مصرية الحق في طلب الجنسية بعد الإقامة العادية في مصر دون التقييد بشرط اللغة و الدين في بعض الحالات.
ألغت المحكمة الدستورية عام 2019 التمييز بين الأب والأم في نقل الجنسية للأبناء مؤكدة على أن حرمان أبناء الأم المصرية من الحصول على الجنسية يعد انتهاكًا لمبدأ المساواة الدستورية، واستندت الدولة في التعديلات الدستورية إلى اتفاقيات دولية لضمان حقوق المرأة والطفل.
تتبع وزارة الداخلية بعض الإجراءات القانونية وإعداد بعض المستندات منها:
تتولى وزارة الداخلية المصرية من خلال الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية إجراءات منح الجنسية لأبناء الأم المصرية المتزوجة من أجنبي وتشمل الرسوم المقررة على رسوم أساسية وهي رسوم تقديم الطلب وتبلغ 10,000.55 جنيه ورسوم إصدار شهادة الجنسية 6 جنيه بالإضافة إلى رسوم إدارية ودمغات تتراوح بين 20 إلى 100 جنيه حسب الإجراءات المتبعة.
رسوم الخدمات الإلكترونية وتُدفع عند تقديم الطلب عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية وهي غير قابلة للاسترداد حتى في حالة إلغاء الطلب، كما تشترط الحكومة سداد المبلغ المقرر نقدًا عند حضور صاحب الطلب شخصيًا إلى مقر الإدارة العامة لتسليم الأصول واستكمال الإجراءات.
تتمتع قضية تجنيس الفلسطينيين في مصر بخصوصية شديدة بسبب العوامل السياسية والأمنية والتاريخية المرتبطة بالقضية الفلسطينية، كما يسمح للفلسطيني المولود لأم مصرية بالتقدم بطلب الحصول على الجنسية المصرية وفقًا للمادة (3) من القانون رقم 154 لسنة 2004 المعدل لقانون الجنسيات المصري الجديد لكن هذا الحق ليس مطلقًا، إذ ترفض الطلبات غالبًا لأسباب أمنية أو إذا كان الأب يحمل جنسية مكتسبة وليست أصلية.
فتحت مصر بابًا لتجنيس الفلسطينيين عبر استثمارات مالية كبيرة وذلك عن طريق إيداع 250 ألف دولار في البنك المركزي غير قابلة للاسترداد أو شراء عقارات بقيمة 500 ألف جنيه مصري، لكن هذه الخيارات تظل غير متاحة للغالبية بسبب التكاليف الباهظة.
تخشى مصر من أن يُفسر منح الجنسية للفلسطينيين كخطوة نحو توطينهم الدائم، مما يضعف المطالبة بحق العودة إلى فلسطين هذا المبدأ كان مدعومًا بقرار جامعة الدول العربية عام 1965 الذي حذر من تجنيس الفلسطينيين في الدول العربية، وتشدد السلطات المصرية على رفض تجنيس الفلسطينيين إذا ارتبطت طلباتهم بمخاطر أمنية مثل الانتماء لحركات سياسية معينة.
معظم الفلسطينيين في مصر يحملون تصاريح إقامة مؤقتة من سنة إلى 3 سنوات ويواجهون صعوبات في التجديد بسبب البيروقراطية واشتراطات مثل دفع رسوم بالدولار، كما يحرم الفلسطينيين من الحقوق الأساسية كالتعليم المجاني والرعاية الصحية إلا في حالات استثنائية ويمنعون من امتلاك أراض زراعية أو الاستثمار في مشاريع دون شريك مصري.
في عام 2012 منحت مصر الجنسية لنحو 50 ألف فلسطيني من أبناء الأمهات المصريات متجاهلة قرار جامعة الدول العربية نظرًا إلى أن هذه الخطوة آنذاك كتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، ومنذ 2017 تشددت الإجراءات مع تعديلات قانون الجنسية مثل إسقاط الجنسية عن حامليها إذا ثبتت مخالفات أمنية.
تظل إمكانية حصول الفلسطينيين على الجنسية المصرية محدودة بشروط صارمة تتراوح بين الاستثمار المالي الكبير وانتماء الأب المصري بالدم. تُعقّد العوامل السياسية والأمنية هذه الإجراءات، خاصة في ظل التوترات الإقليمية وحساسية القضية الفلسطينية. في المقابل، يواجه الفلسطينيون في مصر واقعًا معيشيًا صعبًا، مع غياب الحماية القانونية الكاملة وارتفاع تكاليف الإقامة.
لا يمنح الأجنبي المتزوج من مصرية الجنسية تلقائيًا لكن له حقوق مرتبطة بالإقامة وبعض الخدمات منها:
يتيح بالفعل القانون المصري لحامل الجنسية المصرية أن يحمل جنسيات أخرى وفي النهاية وبعد معرفة شروط الحصول على الجنسيات العربية فإن الجنسية تعتبر رابطة قانونية وسياسية تربط الفرد بالدولة، وأن يصير من شعبها وفي مقابل حماية الدولة له في الداخل والخارج وسماح القانون بالتجنس بجنسية أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية.
ختام القول، تمثل التعديلات الأخيرة على قانون الجنسية المصري خطوة استراتيجية نحو تعزيز المساواة بين الجنسين وتسهيل إجراءات الحصول على الجنسية وتطوير البيئة الاستثمارية في مصر، قانون الجنسيات المصري الجديد يسعى إلى تحقيق توازن بين الحقوق المدنية والمصالح الاقتصادية، هذه التعديلات لا تقتصر على معالجة القضايا الحالية فحسب بل تتغلغل لتمهد الطريق لمستقبل يعزز من الاستقرار الأسري ودعم الاقتصاد الوطني، ومع استمرار الدولة في تقييم تأثير هذه التعديلات يمكن أن نشهد مزيد من التطورات التي تعزز مكانة مصر كمركز جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.